مرحبا بكم ... انت الصديق رقم

الأحد، ٢ مارس ٢٠٠٨

تحالف حماس والقاعدة في قطاع غزة



بقلم : ياسر الزعاترة
في حواره مع صحيفة الحياة اللندنية يوم الأربعاء الماضي وجه الرئيس الفلسطيني إلى حماس تهمة إدخال القاعدة إلى قطاع غزة، بل والتحالف معها أيضاً، كما كرر شروطه التعجيزية المعروفة للحوار معها، بدءاً بالعودة عن الانقلاب ومروراً بالاعتراف بالمعاهدات الموقعة، وبمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً، وأخيراً الموافقة على الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وختم الحوار بالسخرية من سلاح المقاومة في الضفة الغربية ووصفه بالكذبة الكبرى.
ما يعنينا هنا هو قصة القاعدة في قطاع غزة، وهي التهمة التي يستوقف المراقب في سياقها بعدان: يتعلق الأول بمدى مصداقية الحديث عن وجود التنظيم ومن ثم تحالف حماس معه، بينما يتعلق الثاني بالهدف الكامن خلف إطلاق مثل هذا الاتهام وتداعياته.
في سياق البعد الأول يمكن القول إن تنظيم القاعدة لم يكن موجوداً من قبل، وإن توفر من ينتسبون إلى فكره في الأعوام الأخيرة، سواء كانوا ممن يعرفون بجيش الإسلام الذي كانت لزعيمه ممتاز دغمش صلات بمحمد دحلان، بينما هو أقرب إلى التنظيم العائلي منه إلى التنظيم الحقيقي، أم مجرد مجموعات صغيرة مشابهة تنتسب إلى ذات الفكر ولا تدري ما تفعل، اللهم سوى افتعال معارك جانبية، أو شراء صاروخ وتسميته (إسلام 1 أو2) وإطلاقه، تماماً كما تفعل بعض الفصائل الصغيرة حين تشتري صاروخاً من ذات الفئة (قسام) وتكتب اسمها عليه وتصوره أثناء الإطلاق.
الأكيد أن من ينسبون أنفسهم إلى القاعدة يشكلون عبئاً على حماس أكثر من أي طرف آخر، والسبب بكل بساطة هو غياب الأهداف القريبة للعدو في ظل وجود السياج الأمني، ما قد يحوّل نشاطهم إلى الداخل، أي إلى أعمال الانفلات الأمني، كما كان الحال في اختطاف الصحفي البريطاني جونسون، وكما كان الحال مؤخراً في استهداف جمعية الشبان المسيحية، والتي اعتقل على إثرها عناصر من جيش الإسلام، الأمر الذي دفع (قيادته) إلى إصدار بيان متشدد تداولته منتديات قريبة من القاعدة يهجو حماس التي تطارد المجاهدين.
يشار هنا إلى أن خطاب القاعدة قد سجل خلال العامين الماضيين قسوة على حركة حماس تجاوزت حدود النصيحة والنقد الإيجابي، لم تتوقف عند أيمن الظواهري المعروف بموقفه السلبي من كل المجموعات التي تنتمي إلى المدرسة الإخوانية، بل شمل أيضاً أسامة بن لادن في آخر خطاباته، وانضم إليهم أخيراً أبو عمر البغدادي. حدث ذلك بينما يجتمع العالم كله على حرب الحركة، لا سيما العدوان الأمريكي والصهيوني.
يعرف الجميع حاجة القاعدة إلى فعل في الساحة الفلسطينية، وبالطبع تبعاً لقدسية هذه القضية في الوعي الجمعي للأمة، لكن ذلك ليس متاحاً الآن في غزة، اللهم إلا في حالة الاجتياح الذي ينبغي أن تكون مواجهته جماعية بقيادة المجموعة الأكثر قوة، وهي حماس من دون شك. أما في الضفة الغربية فتبدو المواجهة مع المحتلين أمراً يستحق الإشادة لمن وجد إليها سبيلاً في ظل الاجتياحات الصهيونية والتعاون الأمني من طرف السلطة.
في البعد المتعلق بهدف الاتهام يمكن القول إنه يتعلق ابتداءً بتحريض الطرف المصري على عدم التسامح مع حماس في قضية المعبر والدخول والخروج، خشية تسلل عناصر القاعدة من وإلى الساحة المصرية، ومن ثم استهداف السياح. أما الأهم فهو تحريض الأمريكان والإسرائيليين، وربما الأوروبيين على حصار القطاع بدل التعاطف مع معاناته، لأن المطلوب هو إبقاء الوضع هناك في دائرة البؤس حتى لو لم تصل حد الهلاك.
مؤسف أن يحدث ذلك، لأن الأصل هو الحد من معاناة الناس في القطاع وليس زيادتها، فضلاً عن تبرير عمليات القتل الإسرائيلية بإطلاق الصواريخ (ماذا عن عمليات القتل في الضفة الغربية ولماذا لا تواجهها قوات "الشرعية" ما دام سلاح المقاومة كذبة كبرى؟)، لكن كثيرين في دوائر السلطة لم يعودوا يتورعون عن الحديث في مجالسهم الخاصة حول الاجتياح الإسرائيلي القادم، والذي سيعيد القطاع إلى "حضن الشرعية" من جديد!!