مرحبا بكم ... انت الصديق رقم

الخميس، ١٤ فبراير ٢٠٠٨

ذكريات.. ستكون مؤلمة





زهراء أمير بسام
أنظر إلى الطريق جيدًا, أتأمل تلك الوجوه, فربما تكون هي المرة الأخيرة التي أراهم فيها؛ لعلي لا أرى تلك الكروت البيضاء المكتوب عليها "تصريح دخول" ثانيةً، كما أنه من الممكن ألا أرى هذه المنصة وعضو اليمين واليسار والقاضي والمدعي العسكري مرةً أخرى.
لذا فقد نظرت إلى كل شيء حولي، وأنا كلي أمل ألا أراه ثانيةً, خاصةً هذا القفص هذا القفص بشباكه وقضبانه وكراسيه الضيقة وشكله المخيف, أتمنى ألا أراه أبدًا وأدعو الله ألا يراه أحد.
إنها ستكون ذكريات, تلك الأيام التي قضيناها في أروقة المحاكم المدنية منها والعسكرية، تلك الساعات الطوال التي وقفنا فيها في شوارع القاهرة ومعظم المحافظات، مطالبين بالحصول على أبسط حقوقنا كمواطنين بأن نحاكم أمام قاضٍ مدني يكفل لنا الأمان الذي افتقدناه.
اتفقنا أو اختلفنا في إمكانية تكرارها, لكن بالتأكيد جميعنا يتفق على أنها ذكريات مؤلمة تحمل بداخلها الكثير من الأحزان، ذكريات أعياد قضيناها في "مزرعة طرة "؛ حيث ترى هناك المذنب والبريء, ندخل الزيارة- في المعتقل- لنجد أطباء وعلماء ورجال أعمال شرفاء, ونخرج منها لنجد الفاسدين والمرتشين ومنْ نهبوا أموالنا.
لكم أن تتخيلوا أن هناك عالمًا عابدًا قضى حياته في أروقة الجامعات والمعامل, يعشق الحركة والعمل, لا يتوانى عن مساعدة أي أحد, يحب الخير للناس جميعًا، والأهم أنه ينشده لبلاده وأوطانه، أو آخر هو رجل أعمال نشيط, اجتهد في أن يبنى صروحًا اقتصادية عادت بالنفع على وطنه وأهله، وآخرين وهبوا حياتهم لخدمة بلادهم, مستمدين منهجهم من الإسلام وأحكامه.
هم الآن جميعًا محبوسون في غرفة ضيقة, نادرًا ما يدخلها هواء نظيف, يعيشون بين جدران قاتمة وقضبان حديدية ظالمة, ينتظرون عدالة لا يرجونها إلا من الله عز وجل، أليست بهذا تكون ذكريات مؤلمة؟!!.
ولكن الألم الذي تحمله تلك الذكريات لن يكون أبدًا هذا الألم الذي ينسينا رسالتنا أو يثنينا عن هدفنا، لن يكون الألم الذي نعيشه حقدًا أو نقمًا أو حتى يدفعنا للانتقام، نتذكره فيزداد حماسنا, نستشعره فيكون الوقود لحركتنا، وبقدر ما ظلمونا سنعدل, وبقدر ما حرمونا سنعطي؛ لأننا وببساطة نحب بلادنا.