مرحبا بكم ... انت الصديق رقم

الأربعاء، ٢٠ فبراير ٢٠٠٨

محاولة اغتيال هنية.. أين يكمن الخطر؟!


لمى خاطر
ثمة مؤشرات عديدة وخطيرة يمكن استخلاصها والوقوف عندها بعد الكشف عن تفاصيل محاولة اغتيال السيد إسماعيل هنية وبث الاعترافات التي أدلى بها المتورطون في الجريمة.
فوقوف شخصيات سياسية وأمنية رفيعة في السلطة خلف محاولة الاغتيال تدبيراً ومتابعة يعني أن فريق المقاطعة في رام الله قد حسم أمره منذ زمن بخصوص نهجه في التعامل مع حماس، وأن هذا النهج الدموي غير قابل للتبديل أو إعادة النظر ما دام الخصم المواجه لفتح قوياً ومؤثراً على الساحة، وأن قيادة فتح لا مكان على أجندتها لقبول الآخر أو الإقرار بدوره، وهي في صراعها لأجل بقائها اللاعب الأبرز على الخريطة السياسية مستعدة لمقارفة أبشع الجرائم وكل ما من شأنه أن يضمن تفردها وإبقاء خصومها في حالة ضعف واستنزاف دائمين.
ومن الملاحظ هنا أن التوجه لتصفية هنية بالدرجة الأولى يشير إلى أن قيادة المقاطعة ترى فيه خصما سياسيا قويا لا مجال للتغلب عليه إلا بإزاحته في ظل تمتعه بشعبية كبيرة وكاسحة ليس على مستوى الوطن وحسب، بل على امتداد العالمين العربي والإسلامي. وجدير بالذكر هنا أن هنية تعرض لمحاولتي اغتيال على يد الفئة ذاتها قبل عملية الحسم مرة عند عودته من الخارج عن طريق معبر رفح والثانية عند استهداف منزله بقذائف ال آر بي جي، مما يعني أن اغتيال رئيس الوزراء كان على رأس أجندة مخطط دايتون الذي تولت تنفيذه أيد فتحاوية وبتوجيه من رأس الهرم في قيادتها.
وهذا النهج لدى القيادة الفتحاوية ليس مستجداً ولا طارئاً في إطار العلاقة مع حماس، فالطيب عبد الرحيم المسؤول المباشر عن محاولة الاغتيال له سوابق عدة في هذا السياق تعود لفترة التسعينات مع المهندس الشهيد محيي الدين الشريف والأخوين الشهيدين عوض الله، حين تم قتل المهندس الشريف ثم محاولة تحميل دمه لرفيقيه عماد وعادل عوض الله، ضمن صفقة عرضها عبد الرحيم على الشهيد عماد، وكان رفض الأخير لها مقدمة لتصفيته فيما بعد.
وهنا يمكن استنتاج أن المحاولة الجبانة لاغتيال هنية لو قد لها أن تنجح – لا سمح الله – لكان هناك تسويغ فتحاوي جاهز لها بالادعاء أن الأمر تم في إطار تصفيات داخلية لحماس، أو لربما تم إصدار بيان وهمي لجهة (إسلامية) معينة تتبنى العملية، خاصة إذا ما علمنا أن تصوير المنتحرين الافتراضيين لم يكن بهدف النشر باسم فتح بل لغرض الضغط عليهم لضمان عدم تراجعهم عن التنفيذ.
ومن الدلائل الهامة التي يمكن استخلاصها أن مخطط تصفية حماس ظلت له جذور حتى بعد عملية الحسم، وظل الأمل قائما لدى فلول الأجهزة البائدة بإمكانية استعاد زمام الأمور في غزة وهزيمة حماس، الأمر الذي أعطى ويعطي حماس الحق في استمرار ملاحقة فلول هذا التيار لضمان عدم عودة الأمور إلى مربع الفوضى والفلتان والقتل المنظم، مع ضرورة عدم الالتفات لاشتراطات الحوار السقيمة التي ما فتئت ترددها زمرة المقاطعة.
ومن المؤشرات الخطيرة التي تشير إليها الاعترافات التي تم بثها لجوء المخططين للجريمة إلى استخدام فتوى تجيز قتال حماس بحجة خروجها على ولي الأمر الشرعي محمود عباس!!، ولن نتطرق هنا لحجم الإسفاف في هذه الحجة، ولكن ذلك يكشف أن فتح التي كانت دوما تتهم حماس بالتكفير واستغلال الدين إنما تمارس تضليلاً وإسقاطاً نفسياً لوسائلها في مواجهة خصومها.
يضاف إلى ذلك أن ثمة ظاهرة خطيرة هنا تتمثل في كون بعض رموز السلفية التقليدية هم الغطاء الأكبر لجرائم وسقطات النظم الرسمية العربية. وفي فلسطين على وجه الخصوص نلاحظ أن رموز هذا التيار يشنون حملة هجوم ممنهجة ومركزة ضد حماس بمباركة ودعم فتحاوي كبير.
بقي أن نشير إلى أن هذه الجريمة من شأنها أن تقطع أي وشيج للثقة بقيادة سلطة رام الله، وبل وأن تعيق أية فرصة مستقبلية للتوافق، وهو الأمر الذي يجب على حماس ألا تأسف له، لأن فاتورة حساب الفريق الفلسطيني الموالي للاحتلال أصبحت كبيرة وجرائمه الأخلاقية والوطنية وصلت مرحلة اللاعودة، وإن ما تكشفه الأيام من حقائق متتالية كفيل بالدفع نحو بلورة موقف حمساوي ذي سقف عالٍ في تعامله مع تلك الزمرة المتآمرة.